سبــيل الـــنــور


إن المتقي ليس هو ذلك الصوّام القوّام , و إنما هو ذلك الذي اكتشف الطريق , ورأى الهيكل , و رأى المخطط , و يعلم من أين يبدأ , و إلى أين فآمن بالغيب , وترقى عن عالم الحواس ..

الخميس، 13 يناير 2011

أركان السير إلى الله تعالى .آية الله بهجت ق.س


بسمه تعالى
الحمد لله وحده، والصلاة على سيد الأنبياء محمد وآله سادة الأوصياء الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والأخرين.
وبعد، فلا يخفى على أولي الألباب، بأن أساس
ودستور الحركة في المخلوقات، هو معرفة المحرك الذي تحتاج إليه الحركة، ومعرفة ما منه الحركة وما إليه الحركة، وما له الحركة.. أي البداية والنهاية والغرض.. حيث أن الممكنات في حالة حركة مستمرةآناً فآن باتجاه المقصد.
والفرق بين العالم والجاهل، هو معرفة علاج
الحوادث وعدم معرفة ذلك.. والتفاوت في منازلهما في العاقبة بمقدار التفاوت في مراتب علمهما في البداية.
فإذا عرفنا المحرك، واطلعنا على حسن تدبيره وحكمته من انتظام المتحركات، كان
كل توجهنا وهمنا إرادته التكوينية والتشريعية.. فهنيئاً للعارف لأهل المعرفة، وإن كان أكثر الشهداء بذلاً وتضحية.. وتعساً للجاهل لغير العارف، حتى لو كان فرعون زمانه.
عاقبة هذه
الحركات يقول الجاهل: (ليت أمي لم تلدني) ويقول العالم: (ليتني سرت نحو المقصد سبعين مرة، ثم عدت وسرت ثانية، واستشهدت في سبيل الحق).. ولكيلا نعود من حياتنا بالندم أقول بصراحة: لو انقضى مثلاً نصف عمر أي شخص في ذكر المنعم الحقيقي، ونصفه الآخر في الغفلة، لاعتبر نصف عمره حياة لـه، والنصف الآخر موتاً، مع اختلاف عن الموت في الأضرار وعدم النفع.[الظاهر أن مراده حفظه الله أن نصف عمره الذي يقضى في الغفلة، وإن كان يعد موتاً، لكنه يزيد على الموت بأنه قد يجني منه الإنسان أضراراً ويخسر منافع.. بينما الموت مجرد عدم فوات الحياة، دون أضرار إضافية زائداً عن ذلك]. "المترجم"..
إن من يملك المعرفة بالله، يصير مطيعاً له، ويكون شغله وارتباطه به تعالى، ويعمل بما يعلم بأنه موافق لرضاه، ويتوقف فيما لا يعلم إلى أن يعلم، ويسعى لتحصيل العلم بذلك آناً فآن، لكي يعمل أو يتوقف.. فعلمه ناشىء عن الدليل، وتوقفه راجع لعدم وجود دليل
.
هل من
الممكن لقافلتنا أن تصل إلى المقصد، عبر هذه العقبة المليئة بالخطر، من دون التسلح بطاعة الله القادر؟.. هل من الممكن أن يكون وجودنا من الخالق تعالى، وقوتنا من غيره؟.. فلا قوة نافعة باقية إذن إلا لأهل الله، ولا ضعف إلا لغيرهم.
والآن إذا
صرنا من أصحاب اليقين في هذه المرحلة، فعلينا لأجل ترجمة هذه الصفات والأحوال عملياً، أن نعلم أن هذه الحركة المتحققة من أولها إلى آخرها مخالفة لمحرك الدواعي الباطلة.. ويكفي في سعادة الاتصال برضا المبدأ الأعلى، أن لا نعتني بها. [أي الدواعي الباطلة فلا تتحرك تبعاً لها وانبعاثاً منها]. "المترجم".[ونهملها]:"أفضل زاد الراحل إليك عزم الإرادة". من دعاء يوم المبعث
والحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
مدينة مشهد
المقدسة.
ربيع الأول سنة 1417 هـ. ق
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق