سبــيل الـــنــور


إن المتقي ليس هو ذلك الصوّام القوّام , و إنما هو ذلك الذي اكتشف الطريق , ورأى الهيكل , و رأى المخطط , و يعلم من أين يبدأ , و إلى أين فآمن بالغيب , وترقى عن عالم الحواس ..

الجمعة، 7 يناير 2011

ومن كلمات آية الله بهجت في بعض اللقاءات



بسمه تعالى
الحمد لله وحده، والصلاة على سيد أنبيائه وعلى آله الطيبين، واللعن على أعدائهم أجمعين.لقد طلب جماعة من المؤمنين والمؤمنات النصيحة، وطلبهم هذا يرد عليه إشكالات منها:إن النصيحة تكون في الجزئيات، والموعظة أعم من الكليات والجزئيات.. ولا تكون النصيحة ممن لا يملك المعرفة لمثله.
"من عمل بماعلم ورّثه الله علم ما لم يعلم". بحار الأنوار: 78/189
"[من عمل بما علم] كُفي ما لم يعلم" .
{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. .سورة العنكبوت: 99.
اعملوا بما تعلمون واحتاطوا فيما لا تعلمون إلى أن يتضح أمره.. فإن لم يتضح فاعلموا أنكم قد أهملتم بعض ما تعلمون.. وطلب الموعظة من غير العامل محل اعتراض.. ومن المقطوع به أنكم قد سمعتم بعض المواعظ، وتعلمتموها ولم تعملوا بها، وإلا لكنتم على بصيرة ووضوح من الأمر.
الجميع يعلمون أن عليهم أخذ الرسالة العملية، وقراءتها وفهمها، والعمل طبقها، وتشخيص الحلال والحرام بواسطتها.. وكذلك الأمر بالنسبة للمدارك الشرعية إن كانوا من أهل الاستنباط.. إذن لا يمكنهم القول: "إننا لا نعلم ما يجب علينا فعله أو تركه".
انظرواإلى أعمال من لديكم اعتقاد حسن ظن بهم، فما يأتون به عن اختيار فعليكم بإتيانه، وما يتركونه عن اختيار فعليكم بتركه.. وهذا من أفضل السبل للوصول الى المقاصد العالية"كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم".[ أصول الكافي: 2/77 ج9].. والمواعظ العملية أرقى وأشد تأثيراً من المواعظ القولية.
من الأمور الواضحة أن قراءة القرآن في كل يوم، والأدعية المناسبة للأوقات والأمكنة، في التعقيبات وغيرها، وكثرة التردد إلى المساجد والمشاهد المشرفة، وزيارة العلماء والصلحاء ومجالستهم، مما يرضاه الله ورسوله (ص).. كما يجب مراقبة البصيرة، والأنس بالعبادة والتلاوة والآيات يوماً بيوم.
وعلى العكس من ذلك، فإن كثرة مجالسة أهل الغفلة تزيد من قساوة القلب وظلمته، ومن النفور من العبادات والزيارات، ولذا نجد أن الأحوال الحسنة الحاصلة من العبادات والزيارات وأنحاء التلاوة، تتبدل بسبب مجالسة ضعفاء الإيمان إلى سوء الحال والنقصان.. فمجالسة ضعفاء الإيمان إذن في غير صورة الإضطرار، أو من دون قصد هدايتهم.. تسبب فقدان الملكات الحسنة للمرء، بل إنه يكتسب أخلاقهم الفاسدة:"جالسوا من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله". أصول الكافي: 1/39 ج3
من الواضحات أن ترك المعصية في الاعتقاد والعمل يغني عن غيره.. فغيره يحتاجه، بينما هو لا يحتاج إلى غيره، بل هو مولد للحسنات ودافع للسيئات: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}..سورة الذاريات: 56
ويظن البعض أنهم اجتازوا مرحلة ترك المعصية، غافلين عن أن المعصية لا تختص بالكبائر المعروفة، بل الإصرار على الصغائر أيضاً كبيرة.. والنظرة الحادة مثلاً إلى المطيع لإخافته إيذاء محرم، كما أن الابتسام للعاصي لتشجيعه إعانة على المعصية.
ومحاسن الأخلاق الشرعية ومفاسدها، قد تم بيانهما في الكتب والرسائل العملية.
وإن الإبتعاد عن العلماء والصلحاء، يمنح سارقي الدين الفرصة، لتضييع الإيمان وأهله بأهون السبل وأرخصها، وأبعدها عن الخير والبركة.. وكل هذا مجرب ومشاهد.
نسأل الله تعالى أن يجعل هديتنا في العيد (عيديتنا) في أعياد الإسلام الشريفة، التوفيق للعزم الراسخ الثابت الدائم على ترك المعصية، فإنه مفتاح سعادة الدنيا والآخرة، إلى أن يصبح ترك المعصية ملكة.. والمعصية بالنسبة لصاحب الملكة بمنزلة شرب السم للعطشان، أو أكل الميتة للجائع.
وبالطبع، فلو كان هذا الطريق صعباً إلى آخره، ولا ينتهي بالسهولة والرغبة، لما وقع مورداً للتكليف والترغيب، والحث من قبل الخالق القادر الرحيم.
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.والحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
17 ربيع المولود 1419هـ. ق.
21/4/1377
هـ. ش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق