سبــيل الـــنــور


إن المتقي ليس هو ذلك الصوّام القوّام , و إنما هو ذلك الذي اكتشف الطريق , ورأى الهيكل , و رأى المخطط , و يعلم من أين يبدأ , و إلى أين فآمن بالغيب , وترقى عن عالم الحواس ..

الأربعاء، 2 فبراير 2011

صلاة جعفر الطيار عليه السلام







من الموارد الموثقة و المضمونة لغفران الذنوب صغيرها و كبيرها و قضاء الحوائج بأجمعها هذه الصلاة التي نحلها رسول الله الأعظم عليه و آله و سلم و التي يقول عنها الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان ..::

وهي الاكسير الاعظم والكبريت الاحمر وهي مرويّة بما لها من الفضل العظيم باسناد معتبرة غاية الاعتبار واهمّ ما لها من الفضل غفران الذّنوب العظام وأفضل أوقاتها صدر النّهار يوم الجمعة...

و أنقلها لكم من أوثق الكتب وهو كتاب .. ( زاد المعاد ).. للمجلسي ق.س .. طرق روايتها العدة التي توضح كيفيتها المتعددة مع الأحكام التي تلحقها في تحت عنوان من كتابة ..::

في بيان كيفية وفضيلة و أحكام صلاة جعفر الطيار

اعلم أن هذه الصلاة من المتواترات , و رواها العامة و الخاصة بأسانيد كثيرة , ويرى المخالفون استحبابها أيضاً إلا النادر منهم أما أكثرهم فينسب هذه الصلاة إلى العباس عم النبي بسبب العداوة الباطنية التي يكنونها تجاه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام و أقاربه . و لا توجد بعد النوافل اليومية صلاة كهذه الصلاة من حيث صحة السند و كثير الثواب .
وروى بسند معتبر عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه عندما رجع جعفر الطيار أخو أمير المؤمنين عليه السلام من هجر الحبشة كان وصوله في يوم فتح خيبر بيد أمير المؤمنين عليه السلام فتلقاه رسول الله صل الله عليه و آله وسلم على غلوة من معرسه بخيبر , فلما رآه جعفر أسرع إليه هرولة فاعتنقه رسول الله صل الله عليه و آله وسلم وحادثه شيئاً ثم ركب العضباء و أردفه , فلما انبعثت بهما الراحلة أقبل عليه فقال : ياجعفر يا أخ ألا أحبوك ؟ ألا أعطيك ؟ ألا أصطفيك ؟ قال : فظن الناس أنه يعطي جعفراً عظيماً من المال , قال : وذلك لما فتح الله على نبيه خبير و غنًمه أرضهاً و أموالها و أهلها , فقال جعفر : بلى فداك أبي و أمي . فعلًمه صلّ الله عليه و آله و سلم صلاة التسبيح , وقال الإمام الصادق عليه السلام أن صفة هذه الصلاة أربع ركعات بتشهدين و تسليمين , يُقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد , سورة {إذا زلزلت } وفي الثانية بعد الحمد سورة { والعادات } , وفي الثالثة بعد الحمد سورة { إذا جاء نصر الله } وفي الركعة الرابعة بعد الحمد سورة { قل هو الله أحد } .

ويقول في كل ركعة بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع : سُبْحَانَ وَ الْحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلا اللهُ وَ اللهُ أَكْبَرٌ.

خمس عشرة مرة , يعيدها نفسها في الركوع عشر مرات , وبعد رفع الرأس من الركوع أي قبل الهوي : عشر مرات , و في السجدة الأولى عشر مرات , و بعد السجدة الأولى عشر مرات , و في السجدة الثانية عشر مرات , وبعد أن يرفع رأسه و قبل أن يقوم ثانية عشر مرات , يفعل ذلك في كل ركعة من الركعات الأربع ثلاثمائة مرة , فيكون المجموع ألفاً و مائتي تسبيحة .

وفي رواية معتبرة أُخرى أن رسول الله صلّ الله عليه و آله وسلم قال : لو تأتي بهذه الصلاة كل يوم فهو أفضل لك من الدنيا و ما فيها , ولو فعلت ذلك في كل يوم مرة غُفرت لك ذنوبك التي فعلتها ما بين الصلاتين . و إذا أديتها كل جمعة أو في كل شهر أو في السنة مرة فإن الذنوب التي عملتها ما بين الصلاتين تٌغفر لك و في رواية معتبرة أخرى : و إن كانت بقدر زبد البحار و رمال الصحراء فإن الله تعالى يغفرها لك , بل حتى لو كنت وليت من الزحف وهو أسوأ الذنوب فإن الله تعالى يغفر لك . وفي رواية أخرى : إن استطعت فأدها كل يوم , و إن لم تستطع ففي كل أسبوع مرة , فإن لم تستطع ففي الشهر مرة فإن لم تستطع ففي السنة مرة , فإن لم تستطع ففي العمر مرة واحدة ليغفر الله لك الصغائر و الكبائر من ذنوبك , و جديدها و قديمها , و عمدها و خطئها و أما الدعاء المستحب لهذه الصلاة .
فروي الكليني بسند معتبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه تقول في السجدة الأخيرة من صلاة جعفر بعد أن تكون قد فرغت من التسبيحات :

سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَالْوَقارَ سُبْحانَ مَنْ تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرَّمَ بِهِ سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبيحُ إلاّ لَهُ سُبْحانَ مَنْ اَحْصى كُلِّ شَىْء عِلْمُهُ سُبْحانَ ذِي الْمَنِّ وَالنِّعَمِ سُبْحانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ اَللّـهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ وَاسْمِكَ الاْعْظَمِ وَكَلِماتِكَ التّامَّةِ الَّتى تَمَّتْ صِدْقاً وَعَدْلاً صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَاَهْلِ بَيْتِهِ . ثم تطلب حاجتك

وروي الشيخ في المصباح هذا الدعاء مع هذه الزيادة : سبحان ذي القدرة و الكرم سبحان ذي العزة و الفضل سبحان ذي القوة و الطول اللهم إني أسألك .... إلى آخر الدعاء .

و أيضاً روى الشيخ و السيد عن مفضل بن عمر أنه قال : رأيت الإمام الصادق عليه السلام يوماً يؤدي صلاة جعفر ثم قرأ هذا الدعاء :

يا رب يا رب يا رب حتى ينقطع النفس , يا رباه يا رباه يا رباه حتى ينقطع النفس , رب رب يا رب كذلك حتى ينقطع النفس , يا الله يا الله يا الله كذلك حتى ينقطع النفس , يا رحيم يا رحيم يا رحيم حتى ينقطع النفس , يارحمن يا رحمن يا رحمن سبعاً , يا أرحم الراحمين سبعاً , ثم قرأ هذا الدعاء :

اَللّـهُمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الْقَوْلَ بِحَمْدِكَ وَاَنْطِقُ بِالثَّناءِ عَلَيْكَ وَاُمَجِّدُكَ وَلاغايَةَ لِمَدْحِكَ وَاُثْني عَلَيْكَ وَمَنْ يَبْلُغُ غايَةَ ثَنائِكَ وَاَمَدَ مَجْدِكَ وَاَنّى لِخَليقَتِكَ كُنْهُ مَعْرِفَةِ مَجْدِكَ وَاَيَّ زَمَن لَمْ تَكُنْ مَمْدُوحاً بِفَضْلِكَ مَوْصُوفاً بِمَجْدِكَ عَوّاداً عَلَى الْمُذْنِبينَ بِحِلْمِكَ تَخَلَّفَ سُكّانُ اَرْضِكَ عَنْ طاعَتِكَ فَكُنْتَ عَلَيْهِمْ عَطُوفاً بِجُودِكَ جَواداً بِفَضْلِكَ عَوّاداً بِكَرَمِكَ يا لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ الْمَنّانُ ذُوالْجَلالِ وَالاْكْرامِ .

ثم قال عليه السلام : يا مفضل كلما كانت عندك حاجة ضرورية , صلّ صلاة جعفر و أقرأ هذا الدعاء و أطلب حوائجك من الله تعالى فإنها تقضى إن شاء الله تعالى .

دعاء آخر بعد هذه الصلاة برواية الشيخ و السيد رحمهما الله :

سبحان من لبس العز وتردى به ، سبحان من تعطف بالمجد وتكرم به ، سبحان من لا ينبغى التسبيح الا له ،جل جلاله ، سبحان من احصى كل شىء بعلمه ، وخلقه بقدرته ، سبحان ذى المن والنعم ،سبحان ذى القدرة والكرم .. اللهم انى اسئلك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الاعظم ، وكلماتك التامات التى تمت صدقا وعدلا ، ان تصلى على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ، وان تجمع لي خير الدنيا والاخرة بعد عمر طويل ..اللهم ان الحى القيوم العلى العظيم ، الخالق الرازق ، المحيى المميت ،البدىء البديع ، لك الكرم ولك المجد ، ولك المن ولك الجود ، ولك الامر وحدك لا شريك لك ..يا واحد يا احد ، يا صمد يا من لم يلد و لم يولد ، ولم يكن له كفوا احد .. يا اهل التقوى ويا اهل المغفرة ، يا ارحم الراحمين ..يا عفو يا غفور، يا ودود يا شكور، انت ابر بى من ابى وامى ،وارحم بى من نفسى ومن الناس اجمعين ، يا كريم يا جواد .. اللهم انى صليت هذه الصلوة ابتغاء مرضاتك ، وطلب نائلك ومعروفك ،ورجاء رفدك وجائزتك ، وعظيم عفوك وقديم غفرانك ..اللهم فصل على محمد وال محمد ، وارفعها في عليين ،وتقبلها منى ، واجعل نائلك ومعروفك ورجاء ما ارجو منك ،فكاك رقبتى من النار ، والفوز بالجنة ، وما جمعتَ من انواع النعيم ، ومن حسن الحور العين ، واجعل جائزتى منك العتق من النار، وغفران ذنوبى وذنوب والدي، وما ولدا ،وجميع اخوانى واخواتى المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الاحياء منهم والاموات ، وان تستجيب دعائى ، وترحم صرختى وندائى ، ولا تردنى خائبا خاسرا ،واقلبنى مفلحا منجحا مرحوما ، مستجابا دعائى ، مغفورا لي يا ارحم الراحمين ..يا عظيم يا عظيم يا عظيم ، قد عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو منك ،يا حسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، يا نفاحا بالخيرات ، يا معطى المسئولات ، يا فكاك الرقاب من النار ، صل على محمد وال محمد وفك رقبتى من النار ،واعطني سؤلى واستجب دعائي ، وارحم صرختي وتضرعي وندائي ، واقض لي حوائجي كلها لدنياي واخرتي وديني ، ما ذكرت منها وما لم اذكر ، واجعل لي فى ذلك الخيرة ، ولا تردني خائبا خاسرا ، واقلبني مفلحا منجحا ، مستجابا لي دعائي ، مغفورا لى مرحوما ، يا ارحم الراحمين .. يا محمد يا اباالقاسم يا رسول الله ، يا امير المؤمنين ، انا عبدكما ومولاكما ،غير مستنكف ولا مستكبر ، بل خاضع ذليل ، عبد مقر ، متمسك بحبلكما ، معتصم من ذنوبي بولا يتكما ، اتقرب الى الله تعالى بكما واتوسل الى الله بكما ،واقدمكما بين يدى حوائجي الى الله عز وجل ، فاشفعا لي فى فكاك رقبتي من النار،وغفران ذنوبي ، واجابة دعائي .. اللهم فصل على محمد واله ، وتقبل دعائي ،واغفر لى يا ارحم الراحمين.



أما أحكام هذه الصلاة فنوردها في عدة مقاصد .


الأول : اعلم أن المشهور بين العلماء و الأقوى أن صلاة جعفر يمكن القيام بها بدلاً من النوافل اليومية يحسب له أجر كليهما . و كذلك يمكن أن ينوي بها قضاء النافلة , و قد وردت الأحاديث بهذا المضمون . و جوّز بعض أداء و قضاء صلاة الفريضة بكيفية صلاة جعفر , ولا يخلو من قوة , ولكن الأحوط الترك .

الثاني :وردت الروايات و قال أكثرالعلماء أن من كانت عنده ضرورة و عجلة يمكنه أن يصلي صلاة جعفر من دون التسبيحات ثم يقرأ التسبيحات بعد ذلك في الطريق .

الثالث :ورد الحديث الصحيح أن من صلى ركعتين من صلاة جعفر و حصل له أمر ضروري , يمكنه الذهاب إلى ذلك الأمر ثم يأتي بالركعتين الأخريين في وقت آخر , و إذا لم يفعل ذلك من دون عذر , و يصلي الأربع ركعات معاً فهو أفضل .

الرابع :وردت رواية عن الإمام القائم (عج) أن من نسى تسبيحات صلاة جعفر في أحد المواضع المذكورة أمكنه قراءتها حيثما ذكر ,و لم يتعرض أحد من العلماء لهذا الحكم , فلو عُمل بهذه الرواية فالظاهر أنه لا بأس .

الخامس : ثمة خلاف في تعيين السور المستحبة التي تُقرأ في هذه الصلاة , و المشهور هو أن يقرأ في الأولى : الزلزلة , و في الثانية والعاديات , و في الثالثة : إذا جاء نصر الله و الفتح , و في الرابعة : التوحيد .

وقال ابن بابوية و أبوه : في الأولى : { و العاديات } , و في الثانية : { إذا زلزلت }وفي رواية : في الأولى : { إذا زلزلت } و في الثانية {إذا جاء } وفي الثالة :{ إنا أنزلناه } , وفي الرابعة : { قل هو الله أحد } . و ورد في رواية صحيحة أنه يقرأ في كل ركعة سورة { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } كلتيهما . وورد في رواية أخرى : أنه يقرأ ما شاء . و قال ابن بابوية : إنه يمكن الإتيان بها كلها بسورة التوحيد , و الظاهر أنه أحسن , و إن كان في الأول و الثالث أفضل .

السادس :المشهور أنه يقرأ التسبيحات بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى و الثالثة جالساً , و قال بعض : يقرأ بعد النهوض للركعة الأخرى قبل القراءة , و العمل بالمشهور أولى .

السابع :قال بعض : إنه يؤدي الركعات الأربع بسلام واحد , و المشهور و الأقوى أنه بسلامين أولى .

الثامن :المشهور بين العلماء أن تسبيحات هذه الصلاة التي تقرأ قبل الركوع ينبغي أن تقرأ بعد القراءة ( أي قراءة الحمد و السورة ) وقال ابن بابويه وفقاً لبعض الروايات أنه مخير بين أن يقرأها قبل القراءة أو بعدها . و العمل بالمشهور أقوى و أولى .



معذرة أخوتي إذا في خطأ إملائي لأني نقلته من مصدرة وأنا المسؤلة عن الأخطاء الإملائية
و أسألكم الدعاء لي بالفرج العاجل .. موفقين لكل خير

الخميس، 13 يناير 2011

ومن وصايا بهجت حول الاهتمام بالصلاة



بسمه تعالى
اعلم أن كل شيء من عملك تبع لصلاتك.. عليكم بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوائل أوقاتها، وبالإقبال بالكل إليه تعالى فيها.. وعندئذ لا تفوتكم السعادة إن شاء الله..
وفقنا الله وإياكم لمراضيه،
وجنبنا سخطه بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

أركان السير إلى الله تعالى .آية الله بهجت ق.س


بسمه تعالى
الحمد لله وحده، والصلاة على سيد الأنبياء محمد وآله سادة الأوصياء الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والأخرين.
وبعد، فلا يخفى على أولي الألباب، بأن أساس
ودستور الحركة في المخلوقات، هو معرفة المحرك الذي تحتاج إليه الحركة، ومعرفة ما منه الحركة وما إليه الحركة، وما له الحركة.. أي البداية والنهاية والغرض.. حيث أن الممكنات في حالة حركة مستمرةآناً فآن باتجاه المقصد.
والفرق بين العالم والجاهل، هو معرفة علاج
الحوادث وعدم معرفة ذلك.. والتفاوت في منازلهما في العاقبة بمقدار التفاوت في مراتب علمهما في البداية.
فإذا عرفنا المحرك، واطلعنا على حسن تدبيره وحكمته من انتظام المتحركات، كان
كل توجهنا وهمنا إرادته التكوينية والتشريعية.. فهنيئاً للعارف لأهل المعرفة، وإن كان أكثر الشهداء بذلاً وتضحية.. وتعساً للجاهل لغير العارف، حتى لو كان فرعون زمانه.
عاقبة هذه
الحركات يقول الجاهل: (ليت أمي لم تلدني) ويقول العالم: (ليتني سرت نحو المقصد سبعين مرة، ثم عدت وسرت ثانية، واستشهدت في سبيل الحق).. ولكيلا نعود من حياتنا بالندم أقول بصراحة: لو انقضى مثلاً نصف عمر أي شخص في ذكر المنعم الحقيقي، ونصفه الآخر في الغفلة، لاعتبر نصف عمره حياة لـه، والنصف الآخر موتاً، مع اختلاف عن الموت في الأضرار وعدم النفع.[الظاهر أن مراده حفظه الله أن نصف عمره الذي يقضى في الغفلة، وإن كان يعد موتاً، لكنه يزيد على الموت بأنه قد يجني منه الإنسان أضراراً ويخسر منافع.. بينما الموت مجرد عدم فوات الحياة، دون أضرار إضافية زائداً عن ذلك]. "المترجم"..
إن من يملك المعرفة بالله، يصير مطيعاً له، ويكون شغله وارتباطه به تعالى، ويعمل بما يعلم بأنه موافق لرضاه، ويتوقف فيما لا يعلم إلى أن يعلم، ويسعى لتحصيل العلم بذلك آناً فآن، لكي يعمل أو يتوقف.. فعلمه ناشىء عن الدليل، وتوقفه راجع لعدم وجود دليل
.
هل من
الممكن لقافلتنا أن تصل إلى المقصد، عبر هذه العقبة المليئة بالخطر، من دون التسلح بطاعة الله القادر؟.. هل من الممكن أن يكون وجودنا من الخالق تعالى، وقوتنا من غيره؟.. فلا قوة نافعة باقية إذن إلا لأهل الله، ولا ضعف إلا لغيرهم.
والآن إذا
صرنا من أصحاب اليقين في هذه المرحلة، فعلينا لأجل ترجمة هذه الصفات والأحوال عملياً، أن نعلم أن هذه الحركة المتحققة من أولها إلى آخرها مخالفة لمحرك الدواعي الباطلة.. ويكفي في سعادة الاتصال برضا المبدأ الأعلى، أن لا نعتني بها. [أي الدواعي الباطلة فلا تتحرك تبعاً لها وانبعاثاً منها]. "المترجم".[ونهملها]:"أفضل زاد الراحل إليك عزم الإرادة". من دعاء يوم المبعث
والحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
مدينة مشهد
المقدسة.
ربيع الأول سنة 1417 هـ. ق
.

طريق رضا الله ..آية الله بهجت ق.س



بسمه تعالى
كلنا نعلم بأن رضا الله جلَّ جلاله – مع أنه غني بالذات، ولا يحتاج إلى إيمان العباد ولوازم إيمانهم – هو في أن يكون العباد دوماً في مقام التقرب إليه.
فنحن نعلم إذن أن الله تعالى إنما يحب ذكره
واستمرار ذكره، لأجل حاجة عباده إلى التقرب إلى مبدأ الألطاف، وإدامة هذا التقرب.
فنحن نعلم
إذن بأن انتفاعنا من التقرب إليه، سيكون بدرجة اشتغالنا بذكره.. وبمقدار ما نسعى في طاعته وخدمته، ننال درجة مناسبة من التقرب والانتفاع بقربه.. والفرق بيننا وبين سلمان (سلام الله عليه) إنما هو في درجة طاعته وذكره له تعالى، اللذين يؤثران في درجة قربنا منه سبحانه.
وإن ما نعلمه، هو أن ثمة أعمالاً ستقع محل ابتلائنا في الدنيا، فعلينا أن
نعلم أن ما كان منها محل رضا الله عزَّ وجلَّ، فسيُعد خدمة وعبادة وطاعة له أيضاً.
فعلينا أن
نعرف إذن، أن هدفنا يجب أن يكون في لزوم صرف العمر كله في ذكر الله وطاعته وعبادته، إلى أن نصل إلى آخر درجة في التقرب ونملك الاستعداد والقابلية لها.. وإلا فعندما نرى وصول البعض إلى المقامات العالية، وتخلفنا عن ذلك من دون علة، سنكون من النادمين.
وفقنا
الله لترك الاشتغال بغير رضاه بمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
مدينة مشهد
المقدسة.
ربيع الأول 1417 هـ. ق
.

الموعظة والعمل آية الله بهجت ق.س


بسمه تعالى
لنسأل السادة الذين يطلبون الموعظة: هل عملتم بالمواعظ التي سمعتموها إلى الآن، أم لا؟..
هل تعلمون أن
من عمل بما يعلم علّمه الله ما لا يعلم؟..
هل من اللائق توقع زيادة المعلومات، مع
كونكم تركتم العمل بما تعلمون باختياركم؟..
وهل يفترض أن تكون الدعوة إلى الحق بواسطة
اللسان؟.. ألم يقولوا عليهم السلام [بما مضمونه]: "كونوا دعاة للحق بأعمالكم"؟..
هل
علينا تعليم طريق التعليم أم تعلمه؟..
أفلا يتضح جواب هذه الأسئلة من القرآن الكريم حين يقول
: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. سورة العنكبوت، آية: 99
ومن كلام المعصوم عليه السلام حيث يقول:"من عمل بما علم ورثّه الله علم ما لم يعلم". [بحار الأنوار: ج78 ح 189] . . و"من عمل بما علم كـُفي ما لم يعلم". ثواب الأعمال: 134
منَّ الله علينا بالتوفيق لعدم ترك وإهمال ما نعلم، وللتوقف والإحتياط فيما نجهل إلى أن يعلم.
ولا نكون ممن قيل فيهم
:
"أقاموا المجالس لحاجة ومصلحة،
فلم ينلهم إلا الجلوس والكلام والقيام". [ترجمة لشعر بالفارسية تقدم ذكر نصه قريباً] .
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
مدينة
مشهد المقدسة.
ربيع الأول 1417 هـ. ق
.

العلم والعمل في رأي آية الله بهجت ق.س



بسمه تعالى
ثمة جماعة يتعاملون مع الوعظ والخطابة والإرشاد - والتي هي مقدمة للأمور العملية المناسبة – معاملة ذي المقدمة.. وكأن المطلوب أن "يتكلموا ويستمعوا لمجرد أن يتكلموا ويسمعوا" وهذا اشتباه.
إن
التعليم والتعلم إنما يكون مناسباً لأجل العمل، ولا استقلالية لهما.. وقد قالوا عليهم السلام لإفادة هذا المطلب والحث عليه: "كونوا دعاة إلى الله بغير ألسنتكم".. تكلموا من خلال العمل، وتعلموا من العمل، وليكن سماعكم بالعمل.
يريد البعض
أن يعلم المعلم.. بل ويطلب منه حتى أن يأخذ كيفية التعليم من المتعلمين.
يطلب
البعض منا الدعاء، فنسأل لأي شيء؟.. فيبينون العلة، فنشرح لهم الدواء، وبدلاً من أداء الشكر واستعماله، يقولون ثانية: "ادعوا لنا".. وبعيداً عما نقوله وما يريدون، فإنهم يخلطون شرطية الدعاء مع نفسيته. [مراده حفظه الله أن الدعاء إذا كان يطلب كمقدمة وشرط لتحصيل حاجة معينة وحل تلك المشكلة بواسطته، فعندما يدلهم على دواء دائهم وحل مشكلتهم، فلا يعود هناك حاجة لطلب الدعاء لهم مرة أخرى، إلا إذا كان دعاؤه لهم مطلوباً لنفسه وذاته، لا لتحقيق تلك الحاجة، فطلبهم أن يدعوا لهم ثانية يعني أنهم في هذه الحال قد تعاملوا مع الدعاء على أنه مطلوب لنفسه، لا كمقدمة وشرط للحاجة التي يريدون، وهذا خلط بين المقامين].. "المترجم".
إننا لا نخرج عن عهدة التكليف، بل علينا تحصيل النتيجة بواسطة العمل، ومن المحال أن يكون العمل بلا نتيجة، أو تحصل النتيجة من غير العمل.. ليس الأمر كذلك: "كانت إقامة المجلس لحاجة ومصلحة، فلم ينل منها إلا الجلوس والحديث والقيام". [ترجمة شعر بالفارسية نصه: بي مصلحتي مجلس آراستند نشتند وكفتند وبرخاستند].
جعلنا الله من أهل العمل، لا مجرد قوالين من أهل الكلام.. فلا نقدم على حركة عملية من دون علم ولا نتوقف مع العلم.
لنقم بأداء ما نعرفه، ولنتوقف ونحتاط فيما
لا نعرفه، إلى أن يحصل لنا العلم به، ومن المقطوع به أنه لا ندم في هذا النهج.
لاينظر بعضنا
إلى البعض الآخر، بل ليكن نظرنا إلى دفتر الشرع، ولنجعل أعمالنا وتروكنا مطابقة له.
والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.

الجمعة، 7 يناير 2011

نهج الفلاح لدى آية الله بهجت والذكر والمراقبة


بسمه تعالى
إن من يتيقن ويعتقد بالخالق والمخلوق، ويرتبط ويعتقد بجميع الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم، ولديه توسل إعتقادي وعملي بهم، وينبعث في حركاته وسكناته وفق توجيهاتهم، ويخلي قلبه في العبادات عما سوى الله، ويأتي بالصلاة – والتي هي الأساس، وكل شيء تابع لها – فارغ القلب، ويتبع في المشكوكات إمام العصر عجّل الله له الفرج:
أي يخالف كل من يراه الإمام مخالفاً له، ويوافق من يراه الإمام موافقاً له، ويلعن من يلعنه الإمام، ويترحم على من يترحم عليه الإمام، ولو على سبيل الإجمال - إن شخصاً كهذا - لن يفتقد أي كمال، ولن ينال أي وزر أو وبال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________________________________________________

ليس هناك ذكر أرقى من "الذكر العملي"، ولا ذكر عملي أرقى من "ترك المعصية في الأمور الإعتقادية والعملية".
والظاهر أن ترك المعصية بقول مطلق لا يتم من دون "المراقبة الدائمة".
والله الموفق.

ومن كلمات آية الله بهجت في بعض اللقاءات



بسمه تعالى
الحمد لله وحده، والصلاة على سيد أنبيائه وعلى آله الطيبين، واللعن على أعدائهم أجمعين.لقد طلب جماعة من المؤمنين والمؤمنات النصيحة، وطلبهم هذا يرد عليه إشكالات منها:إن النصيحة تكون في الجزئيات، والموعظة أعم من الكليات والجزئيات.. ولا تكون النصيحة ممن لا يملك المعرفة لمثله.
"من عمل بماعلم ورّثه الله علم ما لم يعلم". بحار الأنوار: 78/189
"[من عمل بما علم] كُفي ما لم يعلم" .
{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. .سورة العنكبوت: 99.
اعملوا بما تعلمون واحتاطوا فيما لا تعلمون إلى أن يتضح أمره.. فإن لم يتضح فاعلموا أنكم قد أهملتم بعض ما تعلمون.. وطلب الموعظة من غير العامل محل اعتراض.. ومن المقطوع به أنكم قد سمعتم بعض المواعظ، وتعلمتموها ولم تعملوا بها، وإلا لكنتم على بصيرة ووضوح من الأمر.
الجميع يعلمون أن عليهم أخذ الرسالة العملية، وقراءتها وفهمها، والعمل طبقها، وتشخيص الحلال والحرام بواسطتها.. وكذلك الأمر بالنسبة للمدارك الشرعية إن كانوا من أهل الاستنباط.. إذن لا يمكنهم القول: "إننا لا نعلم ما يجب علينا فعله أو تركه".
انظرواإلى أعمال من لديكم اعتقاد حسن ظن بهم، فما يأتون به عن اختيار فعليكم بإتيانه، وما يتركونه عن اختيار فعليكم بتركه.. وهذا من أفضل السبل للوصول الى المقاصد العالية"كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم".[ أصول الكافي: 2/77 ج9].. والمواعظ العملية أرقى وأشد تأثيراً من المواعظ القولية.
من الأمور الواضحة أن قراءة القرآن في كل يوم، والأدعية المناسبة للأوقات والأمكنة، في التعقيبات وغيرها، وكثرة التردد إلى المساجد والمشاهد المشرفة، وزيارة العلماء والصلحاء ومجالستهم، مما يرضاه الله ورسوله (ص).. كما يجب مراقبة البصيرة، والأنس بالعبادة والتلاوة والآيات يوماً بيوم.
وعلى العكس من ذلك، فإن كثرة مجالسة أهل الغفلة تزيد من قساوة القلب وظلمته، ومن النفور من العبادات والزيارات، ولذا نجد أن الأحوال الحسنة الحاصلة من العبادات والزيارات وأنحاء التلاوة، تتبدل بسبب مجالسة ضعفاء الإيمان إلى سوء الحال والنقصان.. فمجالسة ضعفاء الإيمان إذن في غير صورة الإضطرار، أو من دون قصد هدايتهم.. تسبب فقدان الملكات الحسنة للمرء، بل إنه يكتسب أخلاقهم الفاسدة:"جالسوا من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله". أصول الكافي: 1/39 ج3
من الواضحات أن ترك المعصية في الاعتقاد والعمل يغني عن غيره.. فغيره يحتاجه، بينما هو لا يحتاج إلى غيره، بل هو مولد للحسنات ودافع للسيئات: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}..سورة الذاريات: 56
ويظن البعض أنهم اجتازوا مرحلة ترك المعصية، غافلين عن أن المعصية لا تختص بالكبائر المعروفة، بل الإصرار على الصغائر أيضاً كبيرة.. والنظرة الحادة مثلاً إلى المطيع لإخافته إيذاء محرم، كما أن الابتسام للعاصي لتشجيعه إعانة على المعصية.
ومحاسن الأخلاق الشرعية ومفاسدها، قد تم بيانهما في الكتب والرسائل العملية.
وإن الإبتعاد عن العلماء والصلحاء، يمنح سارقي الدين الفرصة، لتضييع الإيمان وأهله بأهون السبل وأرخصها، وأبعدها عن الخير والبركة.. وكل هذا مجرب ومشاهد.
نسأل الله تعالى أن يجعل هديتنا في العيد (عيديتنا) في أعياد الإسلام الشريفة، التوفيق للعزم الراسخ الثابت الدائم على ترك المعصية، فإنه مفتاح سعادة الدنيا والآخرة، إلى أن يصبح ترك المعصية ملكة.. والمعصية بالنسبة لصاحب الملكة بمنزلة شرب السم للعطشان، أو أكل الميتة للجائع.
وبالطبع، فلو كان هذا الطريق صعباً إلى آخره، ولا ينتهي بالسهولة والرغبة، لما وقع مورداً للتكليف والترغيب، والحث من قبل الخالق القادر الرحيم.
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.والحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
17 ربيع المولود 1419هـ. ق.
21/4/1377
هـ. ش.